للرجال أيضًا قصصهم مع التحرّش والعنف والاعتداء الجنسي!
هدف اليوم العالمي للرجل، خلق الوعي حول صحّة الرجال النفسية والجسدية، خصوصًا بعد وقوع “الذكور” ضحايا النظام الأبوي والأعراف المجتمعيّة، فإقدامهم على الإنتحار بنسبٍ أعلى من النساء، وفق عددٍ من الإحصائيات التي جرت في هذا الخصوص.
وفي هذا الإطار، يستعرض “أحوال ” تجارب ثلاثة رجال، تنوعت بين التحرّش والفقر والعنف والإدمان على ألعاب الميسر، إلى جانب الزواج الفاشل ومشاكل جنسية وغير ذلك.
غير سليم “أخلاقيًا”
“ولدتُ في عائلة فقيرة”، يقول “أ.و” وهو مرافق أحد الشخصيات السياسية المعروفة في لبنان، “وأُجبرتُ على العمل وبيع الجرائد في عمر الـ8 سنوات، لإعالة العائلة بعد وفاة والدي، وإلى جانب العمل، حرصتُ على أن أكمل تعليمي”.
ويتابع “أ.و” قائلًا: “لا أزال أذكر نظرات المارّة المليئة بالاحتقار لي ولملابسي المتّسخة. تعرّضتُ للتحرّش الجنسي على يد رجل كبير في السن، كان يطلب مني مجالسته يوميًا في أحد المقاهي مقابل شراءه جميع الصحف مني بحفنة من المال”، مضيفًا: “المسؤوليات والواجبات العائلية سلبت مني طفولتي وكذلك مراهقتي، فلم أعِش كباقي أبناء جيلي أجواء السهر ولم أتمكّن من الذهاب وإياهم إلى السينما والمطاعم، بل كنتُ منهك في العمل لتأمين لقمة العيش”.
ويكمل كلامه بالقول: “في وقت لاحق، تعرّفت على “حب حياتي”، لكنها “باعتني” من أجل رجل آخر أكثر ثراءً مني، وفي ليلة سكر مارستُ الجنس مع شقيقتها التي كانت معجبة بي، فاضطررتُ للزواج منها بعد اكتشاف حملها، وكانت علاقتنا مليئة بالنكد والصراخ، وبعد محاولات فاشلة لإصلاح العلاقة، باشرنا في معاملات الطلاق”. وتابع “أ.و”: “بعد فترة وخلال عملي مع أحد السياسيين، حصل موقف اضطررتُ خلاله لإطلاق النار دفاعًا عن “معاليه”، فقُتل أحد الأشخاص عن طريق الخطأ، لأدخل إثر ذلك السجن وأعيش داخله أسوأ وأعنف اللحظات، وبعد خروجي أصبحتُ “غير سليم أخلاقيُا”، فكيف لمجتمع العادات والتقاليد تقبّل “خريج سجون؟!”.
زير النساء.. “أنا مريض بالمرأة.. مش بإيدي”
“ل.س” هو رجل خمسيني يعمل كمصوّر في أحد المؤسسات الإعلامية.
“ترعرعتُ وسط عائلة من الطبقة الوسطى، كنا أولاد نلعب في “شارع البناية” وكنتُ أنا رئيس “العصابة”، يقول “ل.س” ممازحًا في حديث لـ”أحوال”، مضيفًا: “وفي يوم من الأيام أطلّت جارتنا “الأربعينية” من على شرفة منزلها، كانت رائعة الجمال، فطلبت مني الصعود اليها. دخلتُ المنزل ولم يكن زوجها هناك، لأتفاجأ بها مرتدية “قميص نوم” قصير يُبرز مفاتن جسدها، وطلبت مني الجلوس بالقرب منها وأغرتني ببعض “الشيبس والحلوى”، وإذ بها تقترب مني وتلامس شعري وتقبّلني، كما بدأت تطلب مني القيام بأشياء “غريبة”، فنفّذتُ طلبها طمعًا بـ”الشوكولا والشيبس”.
ويتابع “ل.س”: “وهكذا كان السيناريو نفسه يتكرّر يوميًا، ابن الـ9 سنوات يمارس الجنس مع جارته الأربعينية، حتى انتقلت الأخيرة وزوجها إلى بيت آخر، فبدأتُ بممارسة تلك الأفعال مع ابنة جيراننا، التي كانت في السابعة من عمرها، بحجّة لعبة “بيت بيوت”، فتسببت بأذيتها ولكنني لم أكن أستطيع التوقّف عن القيام بتلك الأفعال”. ويضيف: “ومع تقدمي في العمر، أصبح “ممارسة الجنس” مع النساء هاجسًا لدي، ما أدى إلى فشل زواجي لاحقًا بعد أن علِمت زوجتي بخيانتي لها مع معظم أقاربها وأصدقائها النساء، ليختم قائلًا: “أنا مريض بالمرأة.. مش بإيدي”.
“المعنّف!”
“ك.ح” وهو متقاعد من السلك العسكري، يقول لـ”أحول”: “والدي كان قاسيًا جدًا، عشتُ وإخوتي الـ5 أشد وأبشع أنواع التعذيب، كما كان يعنّف والدتي ويجبرها على إعطائه الأموال التي جنتها من عملها، ليهاجر بعد وفاتها إلى فرنسا في فترة الحرب، ويتزوج بامرأة أخرى هناك، تاركًا أبناءه هنا يصارعون الحياة بمفردهم”.
“نتيجة وفاة والدتي وهجرة والدي، احتضننا “الدير”، فعشنا فترة طفولتنا وسط نظام عسكري وقوانين صارمة وعادات وتقاليد علينا احترامها، فـ”الدير عملني رجّال”، بحسب قول “ك.ح”. ويضيف: “أتذكّر أوّل مرّة مارستُ فيها الجنس، كانت مع “بائعة هوى”، بعد أن شجّعني أصدقائي الذين كانوا يسخرون مني لأنني تخطيتُ سن الـ18 ولم أقم بأي علاقة جنسية مع امرأة بسبب “تعلّقي بتعاليم الدير”، لكنها كانت علاقة خالية من المشاعر والأحاسيس، مجرّد إرضاء لغريزة حيوانية، ولكي أثبت أنّني “رجّال”.
ويتابع “ك.ح” قائلًا: “في تلك الحقبة، التحقتُ بالسلك العسكري فتعرفتُ على من أصبحت زوجتي. امرأة من الطبقة الأرستقراطية، كان أهلها “يهتّوني” بأصلي وبفقري، فشعرتُ أنني “مش رجال”، ما جعلني أُعيد كل ما عايشته مع والدي، فبدأتُ بتعنيف زوجتي لأثبت لنفسي أنّني “رجلًا” بالفعل، وأنني معيل العائلة وليس أهلها، كما قمتُ بخيانتها مرارًا بعد أن رفضت “إعطائي حقوقي الزوجية” بسبب إدماني على ألعاب الميسر، إلا أن النساء التي عاشرتهنّ قمن باستغلالي ماديًا، “خربولي بيتي”. ويقول: “حتّى أولادي كنتُ أعنّفهم بطريقة قاسية، وكنتُ أبخل عليهم بالملابس والهدايا خوفًا من أن يُعيدنا المصروف الزائد إلى حياة الفقر التي عشتها في طفولتي. وبعد أن رفعَت زوجتي دعوى طلاق، طلبت المحكمة طبيبًا نفسيًا أكد في تقريره أنني غير متّزن عقليًا ولا أصلح لتأسيس عائلة أو تربية أولاد، وهنا تلقيتُ أكبر صفعة في حياتي، فخضعتُ لاحقًا لعلاج نفسي لتتحسّن علاقتي مع أولادي وزوجتي”.
إذًا، للرجال والنساء على حدّ سواء مشاكلهم وتجاربهم القاسية والمؤلمة، فلا تغريكم الصورة النمطية التي فرضها المجتمع على الرجل أو المرأة، لأن التجارب أكدت أن وراء كل صورة قصّة حُفرت بمآسٍ وتجارب قاسية، علّنا ندرك أهمية المساواة بين الجنسين من منطلق علمي ونفسي للنهوض بالمجتمع وأهله، فالصحة النفسية والعقلية اليوم أصبحت ركيزة تطوّر المجتمعات وتقدّمها.
باولا عطية